إذا كان الكتاب المقدس بعامة رؤية عصره للواقع والتاريخ، فإن كتاب "فكرة الثقافة هو بحق إنجيل الثقافة على مشارف القرن الواحد والعشرين. لا نجد عبارة واحدة فيه هي من نوافل القول، وإنما كل فكرة هي مبحث ويذية لا غنى عنهما للقاريء فهي تأريخ، ونظرة تحليلية وكشف الزوايا لا تغيب عن مفكر فیلسوف نافذ البصيرة مثل تيري إيجلتون، مؤلف الكتاب. صدر الكتاب عن دار بلاك ويل
للنشر عام ۱۲۰۰۰ استهلت به سلسلة رائعة تحمل اسم "مانيفستو بلاك ويل ، وهذا الكتاب أول دراسة في هذه السلسلة، ولهذا نحن لا نبالغ إذ نصف الكتاب بأنه إنجيل الثقافة، ويؤية عصر للواقع والتاريخ
الكتاب إجمالا هو سيرة حياة الثقافة كمبحث وكموضوع البحث العلمي، ورؤية ومصطلح على مدى ثلاثة قرون ، سجل حياة الثقافة وما اشتملت عليه من صراعات وتناقضات وتوافقات وتحولات حتى مطلع القرن ال ۲۱ ، يعرض إيجلتون المفاهيم السياسية والاجتماعية والثقافية الكلمة ثقافة. ويقدم تحليلا وتشريقا عميقا فكريا النظريات الثقافية في ارتباط بالتيارات السياسية والاجتماعية في عصرها، وحتى وقتنا الراهن، مما يساعدنا على صوغ يزية لحركة التاريخ الاجتماعي الثقافي واحتمالات المستقبل، ويحرص في عرضه أن يكشف عن السياق التاريخي والفلسفي والسياسي، ويصور المعاني والدلالات المتغيرة لفكرة الثقافة في ضوء مسح شامل للطرق المتعارضة المتقاطعة التي يمكن بها تحديد واستخدام الفكرة لتفسير العالم والتفاعل معه. وجدير بالذكر أن تيري إيجلتون آثر إهداء كتابه القيم إلى اسم مفكر عربي يتميز بطول باعا لرسون تقدما في الدراسات الثقافية، ألا وهو إدوارد سعيد.
ويعتمد إيجلتون على مصادر كثيرة جدا ونظریات و مباحث علمية متعددة ومتباينة بل ومتعارضة، ابتداء من النقد الماركس
الفصل الأول بعنوان روایات سنی، يوضح بداية أن كلمة ثقافة كلمة معقدة ويعرض أصل ومعني بتاريخ الكلمة، أي المبحث الإيتومولوچي لها، ويبين أن كلمة الثقافة في دلالتها السيمانطيقية تمثل نقلة تاريخية إنسانية خالصة من حياة الريف إلى حياة الحضر، ولكن النقلة الدلالية تحمل في طياتها مفارقة: إذ يقال إن سكان الحضر هم المثقفون، بينما سكان الريف ليسوا كذلك
وثمة علاقة جدلية نشطة بين الطبيعة والثقافة، يتجلى فيها البعد التكوینی الإنساني أو الفعالية الإنسانية، الثقافة وليدة الطبيعة، وهي أداتها لتغير ذاتها وإعادة تغييرها مجددا. والطبيعة أداة فاعلة، ولكن الثقافة التراث الإنساني ... أداتان فاعلتان، والعمل الإنساني هو الذي يهيئ الفرصة للتأثير... وين الطبيعة لا ثقافة وبدون الثقافة لا تغيير الطبيعة ، والعمل الإنساني لحمة وسدي العلاقة الجدلية ويكشف جدل الثقافة والطبيعة من رفض مزدوج .. رفض للحتمية العضوية، ورفض للاستقلال الذاتي أو الإرادة الذاتية الحرة المطلقة
إن البشر ليسوا مجرد منتجات للوسط المحيط، كما أن الوسط المحيط بهم ليس مجرد صلصال يشكلونه على نحو تعسفي، وإذا كانت الثقافة من شأنها أن تغير مظهر الطبيعة، فإنها أيضا مشروع تفرض عليه الطبيعة حدودا صارمة. وإذا صح هذا التوتر بالنسبة الكلمة، فإنه يصح أيضا بالنسبة لبعض الأنشطة الثقافية. ... الثقافة حرة ومقيدة، والمثقف حر ومقيد، ولكنه ليس تناقضا مطلقا لا سبيل إلى حسبه، ذلك أن الحركة الجدلية تصاعد بين النقيضين، إنجاز جامع بين الحرية والقيد.
بيانات الكتاب
الأسم : فكرة الثقافة
المؤلف : تيرى إيجلتون
المترجم : شوقى جلال
عدد الصفحات : 215 صفحة
الحجم : 10 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق