Home Ads

قصة الفلسفة لــ ول ديورانت




اذا نظرت إلى خريطة اوروبا فانك تلاحظ أن بلاد اليونان تشبه اليد التي تمتد اصابعها الملتوية إلى داخل البحر الأبيض المتوسط ، والتي تقع في جنوبها جزيرة كريت العظيمة التي استولت هذه الأصابع المثقبضة منها في الألف سنة الثانية قبل المسيح ، على بداية المدنية والحضارة . والى الشرق عبر البحر الايمي تقع آسيا الصغرى التي يسودها الهدوء والجمود الان ، والتي كانت تخفق في
الايام السابقة لأفلاطون بالصناعة والتجارة والفكر ، والى الغرب عبر ايونيا تقع ايطاليا ، التي تقف كبرج مائل نحو البحر ؛ وصقلية واسبانيا ، التي نجحت كل منها في استعمار جزء من بلاد اليونان في تلك الأيام ، وفي النهاية تقع أعمدة هرقل ( التي نسميها اليوم جبل طارق ) تلك البوابة الكتيبة المعتمة التي لم يجر و الكثير من البحارة والملاحين على اجتيازها في تلك الأيام . وفي الشمال تقع تلك البلاد التي كانت في تلك الأيام لاتزال نصف بربرية وغير متحضرة والتي سميت بعدذلك باسم مقدونيا . انظر مرة ثانية إلى الخريطة وسترى تضاريس لا تعد من السواحل ، ومرتفعات من الأراضي ، حيث تجد الخلجان والبحر في كل مكان ، وتنقلب الأراضي الى جبال وهضاب . لقد فصلت هذه الحواجز الطبيعية من الأرض والبحار بلاد اليونان وقسمتها إلى أجزاء منعزلة ، حيث كان السفر والمواصلات في تلك الأيام اکثر صعوبة ، راشد خطورة منه في هذه الأيام .
لذلك فقد تطور كل واد في بلاد اليونان إلى اكتفاء اقتصادي ذاتي ، وكانت له حكومته المستقلة ، ونظمه واسلوبه ودينه وحضارته ، وفي كل حالة كانت تقوم مدينة أو مدينتان تمتد حولها سفوح الجبال والأراضي الزراعية، وعلى هذا النمط
كانت مدن الولايات اليونانية التي تشمل اسبارطة وائینا وغيرها . انظر إلى الخريطة للمرة الأخيرة ، ولاحظ موقع انبنا : انها ابعنا مدينة شرقية من المدن اليونانية وكان موقعها حسنا حيث كانت الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى المشغولة التي عن طريقها كانت ترسل تلك المدن الكبرى حضارتها وترفها الى بلاد اليونان اليافعة . وكانت اثينا ذات ميناء كبير تجد فيه الكثير من السنن مأوى لها من امواج البحر الهائجة . ولها


اسطول بحري كبير . وبين عامي ۹۰ - 4۷۰ قبل الميلاد تناست اثينا واسبارطة المنافسة والغيرة التي كانت بينها ووحدت قواتها وجيوشها في محاربة الفرس تحت حكم داريوس الذي اراد تحويل اليونان الي مستعمرة لامبراطورية اسيوية . و في هذا الكفاح والصراع بين اوروبا الفتية ، والشرق الهرم ، قدمت اسبارطة الجيش بينما قدمت اثينا الأسطول البحري الحربي ، وعندما انتهت الحرب مرحث اسبارطة جيوشها ، وقاست من المشاكل الاقتصادية الناجمة عن هذه العمليات العسكرية وتسريح الجيوش بينا حولت اثينا اسطولها الحربي الى اسطول تجاري و اصبحت احدى المدن التجارية العظيمة في العالم القديم ، وعادت اسبارطة إلى عزلة زراعية . بينا تحولت ائبنا الى سوق كبيرة وميناء ومكان اجماع للكثير من الرجال ، من مختلف الأجناس والعادات والمذاهب . وحملت خلافاتهم و اتصالاتهم ومنافساتهم الى اثينا التحليل والفكر والمقارنة ، حيث تبارت التقاليد و تطاحنت العقائد في هذه المراكز ذات الاختلاط المختلف الكثير . عندما يقدم لنا الف عقيدة ، يساورنا الشك في جميع هذه العقائد ، او بعبارة أوضح فان كثرة المذاهب والعقائد وتضاربها يولد الشك فيها جميعا ، وربما كان التجار اول من اظهروا شكهم وريتهم ، فقد رأوا الكثير في أسفارهم وتعذر عليهم الاعتقاد بهذا الكثير ، كما أن ميل التجار العام إلى تقسيم جميع الناس إلى حمقى او اوغاد ،



بيانات الكتاب 


الأسم : قصة الفلسفة
المؤلف :  ول ديورانت
المترجم :  فتح الله محمد
عدد الصفحات : 641 صفحة
الحجم : 16 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *