Home Ads

التصوف العربي الإسلامي لــ طيب تيزيني



التصوف هو - في أحد تعريفاته الأولية - نمط من المجاهدة والرؤية النفسية، التي قد يرافقها سلوك عملي جسدي، في حين يراد منها أن تستجيب لحاجات «التصوف الروحية والنفسية والمجتمعية العامة. وهو بوصفه تتاجا ذهنيا، نظر إليه على أنه مادة متممة للفلسفة العربية. لذلك ستعود إلى الوراء قليلا، لتبين ذلك في أولياته. فالفلسفة العربية لم تنشأ - كما يقول مستشرقون - مستقلة استقلاة أولية، بل هي ظهرت بوصفها حيثية يونانية وهنا تبرز فضيلة العودة إلى الماضي المتمثلة في وضع يدينا على خصوصية الفلسفة العربية.
وقد تبين لنا أن هذه الخصوصية ظهرت من موقع أنها نشأت على نحو مغاير لنشأة الفلسفة اليونانية، حيث إن نشأة هذه الأخيرة كانت في صلب الدين، بينما اليونانية قد اقتضت مواجهة الدين والأسطورة. فخصوصية الفلسفة اليونانية كمنت في أنها قامت برفض الدين والأسطورة؛ أما خصوصية الفلسفة العربية فقد كمنت في أنها قد نتجت داخل الدين، ثم عملت على تجاوزه.
الفلسفة العربية - إذا ما كان لها أن تتحرك في البدايات الباكرة خصوصا، خارج الإطار الديني. وهنا نواجه سؤالا تشكيكية هو: إن الفلسفة تحتاج إلى الحرية والعقل المفتوح، فكيف كان لها أن تنشأ في داخل المنظومة الدينية؟ وقد لاحظنا في دراساتنا السابقة حول هذا الموضوع أن الدين الإسلامي كان يحتمل ذلك بقدر معين۔ فالنص الديني الإسلامي قرئ بصيغ تسمح بتحويله إلى صيغة فكر نقدي قريب من الفلسفة، فهو يحتمل أنماطا متعددة مفتوحة في أفقها الرؤيوي (النهجي)، منها ثلاثة حفزت على نشأة الفلسفة و غيرها من الأنساق المعرفية، التي تحتمل بعدا انفتاحيا. فالإسلام يمكن أن يكون، ضمن بنيته النظرية والإعتقادية لنهجية، قابلا للإقرار بالعناصر الثلاثة التالية 1. التعددية: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة»؛ فقي
داخل الإسلام نفسه، كما بينه وبين الأديان الأخرى، تبرز
هذه التعددية. ٢- الحرية: فالناس أحرار حيال ما يلبي مصالحهم (مشروطية
المصلحة). ٣- والثالثة: هو إنه يحتمل التأويل، ويطالب به .


هذه أفكار" كانت هامة جدا من أجل فتح النص الديني باتجاه آفاق مختلفة؛ وبالتالي، فهذا الأخير أسهم، بذلك، في احتمال تشأة مذاهب متعددة (ويقال إنه قد نشأ ما يقترب من 500 مذهب) في الدين الواحد نفسه .
وحسب نظرية النص، فإن كل نص، أيا كان، يحتمل التأويل، سواء أكان نص فلسفية أو دينية أو جمالية الخ، ولكن هناك اختلاف في آلية التأويل ، هذا الاختلاف الذي يأتي من مستويين اثنين هما:
1. المستوى المعرفي (الابيستيمولوجي) للمؤول: فالناس العاديون يفهمون النص بصورة أولية عادية، وربما أدي بهم الأمر إلى التشدد والتعصب، أو إلى الخروج عنه، بصيغة ماء أما النخب المثقفة فتقدم عليه على نحو آخر. ٣. المستوى الثاني ويتمثل في الأيديولوجية: «أيديولوجية المصالحة التي تعني أن قارئ النص يقرأه مثقلا بمصالحه. وإضافة إلى ذلك فإن النص يقرأ في سياقه التاريخي، فالآن -مثلا- يقرأ في عصر العولمة ولغتها عموما، وفي عصر الانتفاضات الشبابية ولغتها عموما، وهكذا فلغة العصر في إناء العصر التاريخي، الذي يتبلور في لغة الثقافة. ويذكر أن هناك قراءات أحدثت صراعات وخلافات كثير منها عميق وخطير. فمحمد عمارة - على سبيل المثال - وهو رجل كان متأثرا بالفلسفة والفكر الفلسفي التنويري، بدأ يقدم دراسات سميت دراسات عقلانية نقدية»، أوصلها صاحبها إلى تخوم بعيدة جدا، بحيث وقف سادة الأزهر وكفروه. بل قصة نصر حامد أبو زيد مازالت طازجة، حية في ضمير الناس وعقولهم. فالحركة التكفيرية قائمة، وهي آتية من النص نفسه بيحاء موارب ومضلل غالية من المصالح المضمرة؛ فيكفر المؤول بسبب ما


بيانات الكتاب 


الأسم : التصوف العربي الإسلامي
المؤلف :    طيب تيزيني

عدد الصفحات : 285صفحة
الحجم : 4 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *