عصر ابن العربي التاريخي والفكري :
هذا المفكر الإنساني الكبير عايش مرحلة هامة من مراحل التاريخ السياسي والفكري للمجتمع العربي الإسلامي، بين النصف الثاني من القرن السادس والثلث الأول من القرن السابع الهجريين. وخير عدة أحداث سياسية وفكرية واجتماعية عرفتها المنطقة من المحيط إلى الخليج، كان لها الأثر الواضح في حياته إيجابا و سلبا.
عاش مفكرنا لحظة أولى من حياته بالغرب الإسلامي متنقلا بين حواضره سواء بالأندلس التي كانت تحت حكم الطوائف، أو بعد
استيلاء الموحدين عليها، إذ عاصر جل خلفائها : «أبو يعقوب يوسف بن عبد المومن» (558ه - 580ه)، يعقوب المنصور» (580ه - 595ه). «محمد الناصر» (595ه - 610ه) ؛ الذي وقعت في آخر عهده هزيمة العقاب سنة 609ه، ضد التحالف المسيحي، ومعه بدأت بداية نهاية الأندلس
وقد عرفت البلاد في هذه المرحلة بالعدوتين، فترة استقرار نسبي، ودخلت تحت راية دولة بني عبد المومن مع خلفائها عبد المومن» وابنه «يوسف» وحفيده
يعقوب المنصور» كل بلاد المغرب الأقصى والأوسط والأدنى) وبلاد الأندلس. وخاصة بعد الانتصار الباهر بمعركة الأرك.
انعكس هذا على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية والأمنية فتوسعت التجارة الداخلية والخارجية بين العدوتين وبينها وبين أوروبا وإفريقيا. كما انعكست هذه النهضة المادية على الحركة الفكرية والثقافية وزادت من نشاطه، خاصة بعد التشجيع الذي أولاه الخلفاء للعلماء والأدباء والفلاسفة، ورعايتهم لفنون المعرفة من طب و منطق ورياضة وجدل وغيرها من العلوم التي راج سوقها آنذاك.|
لكن سرعان ما تدهورت الأحوال بآخر حياة هذه الدولة، وانتهى عصر الرخاء المادي والتسامح الفكري، وأصبح الاشتغال بالعلوم العقلية والفلسفية يورث صاحبها تهمة الكفر والزندقة، وينځل بأربابها وتمحى أو تحرق مؤلفاتها.
وهكذا و كما کسدت سوق المال والأعمال کسدت صناعة العلوم العقلية، وأفل نجم الدراسات الفلكية و النجوم والنبات والري وانطفأ، وسادت روح من التزمت والتقليد وإرهاب الناس والتسلط على رقابهم.
برحلته الأخيرة إلى الشرق تبتدئ اللحظة الثانية من حياته، ويعيش الأحداث الهامة التي عرفتها المنطقة التي حل بها. ويتعرف على منففيها وعلمائها وصوفيتها)، ففي مصر التي دخلها سنة 598ه، زار الاسكندرية والقاهرة، إلا أنه لم يطل مقامه بها لما عرفته من اضطراب للأوضاع، خاصة بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي وتقاسم أبنائه المملكة (مصر «للعزیز»، دمشق والشام الوسطى «الأفضل»
بيانات الكتاب
الأسم : التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية
المؤلف : محي الدين بن العربي
تحقيق : محمد عبد الحي
عدد الصفحات : 265صفحة
الحجم : 7 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق