يسعدني أن أقدم إلى القراء هذا الكتاب الذي ألفته في الأصل بالإنجليزية کرسالة للدكتوراه (جامعة مانشستر، ۱۹۹۰) . كانت بداية المشروع فكرة خطرت لي منذ عدة سنوات ، وهي أن أدرس الدور الذي أداه طه حسين كوسيط بين الثقافات ، وبدا لي عندئذ أن الأمر
يقتضي أن أبحث عن بذور النزعة الحداثية والنزعة الإنسانية في تعليم طه حسين ؛ فلما أقدمت على هذا البحث وانهمكت فيه وجدت اهتمام يتحول بالتدريج - وعلى نحو تلقانی - إلى تعليم طه حسين في حد ذاته . وقد تأكد لدى مع تقدم البحث أن هذا التحول كان أمرا موفقا وضروريا ؛ فليس من الممكن أن نفهم طه حسين في نضجه دون أن ندرس كيف تشكل تفكيره في مراحل تعليمه المختلفة
وقد بقي من الخطة الأصلية شيء ، لأن دراسة رحلة طه التعليمية أجريت ، وكان لا بد أن تجري، مع مراعاة معاناته - على صعيد الخبرة الحية - ومعالجته - على صعيد الفكر - لالتقاء الشرق والغرب ، أو التقاء الثقافتين في تعليمه : ثقافته العربية الإسلامية كما تلقاها في الأزهر، والثقافة الغربية كما تلقاها في الجامعة المصرية وفي السوريون .
ولقد حرصت بصفة عامة على أن تأتي الترجمة العربية مطابقة للأصل الإنجليزي ، فلم أتصرف إلا في حدود ضيقة، فقد صويت بعض الأخطاء التي تتعلق بالحقائق (كالتواريخ مثلا) أو ترجع إلى عدم الدقة في ترجمة النصوص التي استشهدت بها وراعيت أن يكون النص العربي سليما سلسا حتى لو اقتضى الأمر أن أضحي بالحرفية ، كما تخففت من بعض الحواشي في حالات قليلة بدا لي أنها لا تهم القاری العربي أو أن من الممكن إدراجها في حواش أخرى ؛ وأعدت كتابة المقدمة والخاتمة وأضفت إلى هذه الطبعة العربية ملحقا ضمنته تقرير ماسينيون عن الفترة التي قضاها محاضرا في الجامعة المصرية .
والواقع أنني تخيلت في البداية أن اضطلاعي أنا نفسي بترجمة الكتاب أن يكون مهمة بالغة الصعوبة ، وسرعان ما تبينت كم كنت واهما ، ولكنني وقد خضت غمار التجربة لم أستطع التراجع، وكان على أن أتجرع الكأس المرة حتى ثمالتها , فما أشد سعادتي الآن وقد صارت المحنة طي الماضي وأصبحت قادرا على أن أدفع بالكتاب إلى المطبعة !
بيانات الكتاب
الأسم : طه حسين من الأزهر إلى السوربون
المؤلف : عبد الرشيد الصادق
عدد الصفحات :341 صفحة
الحجم : 11 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق