فإن السيرة النبوية حافلة
بأسباب الهداية ، مسددة بقوافل من النور،
يجتني الناس منها عاد الإيمان، ويثبتون
قواعد الإسلام، فينعمون بسعادة الدنيا،
ويحققون النجاة في الآخرة .
.
ومحمد صلى الله عليه وسلم کان
مدده القرآن الكريم، الذي أعجز الأولين
والآخرين، وأداته البيان الناصع ، والبلاغة
الآسرة ، في مجتمع عرف بالفصاحة ، وتزين
بالشعر ، وتجمل بالبيان، فكان محمد سيد
ذلك المجتمع أدبا وفضلا قبل المبعث،
وفصاحة وبيانا وإلهاما بعد نزول الوحي
والتكليف بأمانة الدعوة وحمل الرسالة .
كان محمد و أفصح الفصحاء، وأبين
الأبيناء، وكان يعلن ذلك في قوله الشريف
: «
أنا أفصح العرب بيد
أني من قريش، وربيت في بني سعد»،
وكان أبو بكر -
رضي الله عنه -
يقول له:
يا رسول الله ؛ ما رأينا
الذي هو أفصح منك.
فكان يجيبه بالقول
الشريف :
« أدبني ربي فأحسن
تأدیبی »
لقد فاض بيان محمد و على العالمين
منذ أكرمه الله بالرسالة، وظل هذا الفيض
النورانی يواكب الحقب والأزمنة، يستضيء
به المسلمون، وينهل منه المهتدون، وإذا
كانت السيرة العطرة في جوانبها المتعددة
قد لقيت اهتماما من العلماء فرورها، ومن
المؤرخين فسجلوها، وتسابقت الأجيال في
روايتها، وتلاحقت الجهود في الحفاظ عليها،
فإن جانب البيان المحمدي كان ولايزال في
حاجة إلى مزيد من الجهود لإبانته ، وعديد
من البحوث التجليته، هذا مع الاعتراف
بفضل السابقين الذين توفروا على جوانب
من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فجلوها، وأطراف من فصاحته فدرسوها
ووثقوها.|
غير أن الجانب الأكبر من هذه
الكنوز النبوية لا يزال محتاجا إلى مزيد
من التجلية والجمع والترتيب والتوثيق،
وتقديم ذلك كله في دراسة مستقلة من خلال
منهج متماسك وعرض متناسق.
ولقد أكرمني الله -
تعالى -
بأن وفقني للاضطلاع
بهذا العبء الجهيد الذي بدأته منذ بضعة
عشر عاما، كانت همتی خلال تلك الأعوام
منصرفة إلى شرف معايشة بيان رسول الله لا
أجلس إليه، وأتوفر عليه، أسبح في بركاته
، وأغوص في لجاته ، وأقتبس من نفحاته، حتى
خرج هذا الكتاب إلى حيز الوجود .
أسأل الله -
سبحانه أن يتقبله قربة
إليه، خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون هذا
العمل وسيلة إلى شفاعة رسول الله
* وذريعة
إلى السقيا من حوضه رشفات لا أظمأ بعدها
أبدا، وسبيلا إلى الاستظلال برايته يوم
البعث الأكبر، يوم لا ينفع مال ولا بنون،
إلا من أتى الله بقلب سليم
لقد جاء هذا الكتاب في عشرة
أبواب، تضمن كل باب عددا من الفصول، يقل
عددها ويكثر طبقا لقادة المقدمة، واستثناسا
بالمنهج الذي جعلناه رائدا لهذه الدراسة،
لقد جعلنا عنوان الباب الأول
«سيات
الرسول وصفاته وشمائله في الجاهلية
والإسلام ، وقد جاء الباب في فصول أربعة،
تناول الفصل الأول جانبا من سيرته *
قبل المبعث وبعده ،
فذكرنا رضاعته في بني سعد، واستسقاء جده
عبد المطلب به وهو غلام، واحتكام قريش
إليه في وضع الحجر الأسود في مكانه من
الكعبة، وإسهامه في حلف الفضول الذي ذكره
ة بعد المبعث في قوله :
« لقد شهدت في دار عبد
الله
بيانات الكتاب
الأسم :
البيان المحمدي
المؤلف :
مصطفى الشكعة
عدد الصفحات :
950صفحة
الحجم :
30 ميجابايت
موقع ممتاز
ردحذفموقع رائع
ردحذف