تتزاحم الأفكار التي أريد أن أنبه إليها في هذه المقدمة:
أجمع الكملة من علمائنا رضوان الله عليهم أن الصحابة رضوان الله عليهم أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظ القرآن ومعناه، كما أخذوا عنه السنة ، وأن أجيال الأمة تلقت القرآن عن رسول الله ؟ لفظا ومعنى، وهذا مما يجب أن يعلمه كل سلف لكل
خلف حتى لا يقعوا في هذه المهالك الدائرة الآن، والتي أساسها الاجتراء على القرآن وتفسيره من قبل جهات مشبوهة، وهو تفسير يفرغ القرآن من مضمونه ويأتي الأمة بقرآن غيره .
وكان كثير من علماء الأمة يتخوفون من القول في التفسير، وروى الشعبي عن مسروق قال: «اتقوا الله في التفسير فإنه الرواية عن الله، وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن عبدة الضبی، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عبيد الله قال : لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم. سالم ابن عبد الله، وسعيد ابن المسيب ونافع ونافع هذا هو الذي كان يترصده مالك بن أنس ويقف له في الطرقات ليسأله، وكان كما قال مالك فيه حدة، ويقول أبو مليكة: اسئل ابن عباس عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فابي أن يقول فيها، لأنه كان لا يقول إلا بما سمع من رسول الله ، وكان رسول الله لا يعلم أصحابه سور القرآن، یعنی يعلمهم معانيها وهم أصحاب اللسان الذي نزل به القرآن، قال جابر : كان رسول الله لا يعلمنا الاستخارة كما كان يعلمنا السورة من القرآن، وكان لا يعلمهم القرآن بوحي من ربه : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم» [النحل: 44] |
وإنما كان هذا لأن القرآن هو الدين والدين كله لله فلا يجوز أن يقال فيه برأي، وقال علماؤنا: من قال في القرآن برأيه فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، وقد أخطا ولو أصاب المعني. لأنه لم يأت الأمر من بابه ، وكان حاله كحال من حكم بين الناس على جهل. فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب، وحاله أيضا كحال من قذف ولم يأت بشاهد، فهو من الكذابين ويقام عليه الحد ولو كان قذف من ژني. وهذا كلام نفيس جدا لأنه يقوم على ضرورة ضبط الوسائل المفضية إلى الحقائق، ولو أصبت الحقيقة خبط عشواء لا تؤخذ عنك هذه الحقيقة، ولابد أن تأتي الأمر من بابه يعني لابد من ضبط المنهج،
بيانات الكتاب
الأسم : دراسة فى أسرار البيان .. غافر وفصلت
المؤلف : محمد أبو موسى
عدد الصفحات : 510 صفحة
الحجم : 12 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق