"عاش أفلاطون في عصر تدهورت فيه دولة المدينة City State وكان المجد الذي اكتسبته اليونان بعد انتصارها على بلاد الفرس قد ذوی قبل أن يولد بوقت طويل. ولقد كان شعوره بإخفاق الروح اليونانية أقوى من شعور جميع معاصريه .. و كانت حياته، مثل حياتنا، تقع في نهاية عصر من التوسع، فقد كان في الخامسة والعشرين عندما انتهت الحرب الكبرى بين أثينا واسبرطة بهزيمة مواطنيه وإذلالهم، وتداعت أمام عينيه الإمبراطورية الأثينية، وأدرك أن المهمة الحقيقية ليست إعادة بناء أثينا، وإنما إنقاذ اليونان.
ولكي يتحقق هدا الغرض، كان لابد من تحليل متعمق لدولة المدينة ولطبيعة الإنسان ..
"ولقد ظل الفيلسوف دهورا طويلة بعد مفكرا "أكاديميا"، وحالما أو متأملا بعيدا عن الخلافات التافهة التي يصطرع بها عالم الحياة اليومية، وكان من المحتم أن يصور أفلاطون على أنه فیلسوف من هذا النوع. أما اليوم، عندما وصلت حضارتنا إلى أزمة مشابهة لتلك التي عاش فيها أفلاطون، فإن في وسعنا أن نراه كما كان على حقيقته - أعنی مثالا أخفق في تطبيق أفكاره عملیه ومصلحا ثوريا لم يستطع أن يهتدي إلى أساس سیاسی لإصلاحاته".
بهذه الكلمات أكد المفكر والسياسي العمالي الإنجليزي المشهور، ريتشارد گروسمان)، أهمية دراسة أفلاطون بالنسبة إلى عالمنا الحاضر، وأوضح أن البحث المقارن بين العصر الذي عاش فيه أفلاطون، وبين عصرنا هذا وكلاهما كان عصر انهيار لقيم قديمة وبحث عن قيم جديدة - هو أفضل وسيلة تتيح لنا استيعاب آراء هذا المفكر الذي يفصلنا عنه ثلاثة وعشرون قرنا من الزمان
الا انت وأنا من المؤمنين بأنه لا مفر لنا. عد دراسة مفكر مثل أفلاطوں، مس أن بند کر، ونحن نبحثه، أننا نعيش في القرن العشرين. وتضع نصب أعيا مختلف مواقف الإنسان المعاصر، ونسترشد بها في محاولة نصيرنا لمواقف الإنسان اليوناني في ذلك العصر. ومع ذلك فإني أود أن أتساءل: هل يسبغی انباع هدا المنهج لأن عصرنا - كما قال كروسمان - عصر مخيب للآمال. وعصر قيم مهارة كما كان عصر أفلاطون ؟ وهل یکون الأساس الوحيد للشعور بالتآلف والتقارب والتفاهم بيننا وبين هذا المفكر اليوناني القديم، هو أننا نشترك معه في كونيا أبناء أزمة العصر أو عصر الأزمة الذي نعيش فيه؟
أليس لكل مفکر عاش في إحدى هذه الفتران كل الحق في أن بعد نفسه، أو بعده من يكتبون عنه، ابنا لأزمة العصر؟ إني أكاد أحرم بأن مفكر العصور الوسطى - وهي أبطأ العصور تحولا وأقربها إلى طابع الركود والاستقرار الرئيب - لو كان قد وصف العالم المعاصر له لما فانه أن يتحدث عن "أزمة العصر" وع التحول الحاسم الذي يمر على العالم في أيامه!
بيانات الكتاب
الأسم :جمهورية أفلاطون
المؤلف : فؤاد زكريا
عدد الصفحات : 534 صفحة
الحجم : 14 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق