Home Ads

الحقيقة والوهم فى الحركة الإسلامية المعاصرة لــ فؤاد زكريا



عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران ، ونجحت في القضاء على نظام من أعتى الأنظمة الاستبدادية التي عرفتها البشرية ، وأقامت حكمة اسلاميا كاملا في بلد يملك جميع مقومات النهوض والتقدم : من طاقة بشرية ضخمة واعية ، وموارد طبيعية وفيرة على رأسها التدفق الغزير للبترول ، وحضارة مجيدة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ - حينئذ كان تقومي للثورة الوليدة هو أنها اختبار حاسم
لجميع الحركات الإسلامية المعاصرة : فإذا نجحت في إقامة مجتمع العدل والحرية والقدم ، كان معنى ذلك أن هذه الحركات ستكتسب قوة دفع هائلة يصعب إيقافها في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي الذي يشكو من التخلف ويرزح تحت أعباء أنظمة قمعية ويتعطش إلى البديل . أما إذا أخفقت ، فإن إخفاقها سيعنى إسكات طويل الأمد لتلك الأصوات المنادية بالحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة . فالاختبار الحاسم كان هناك ، في تلك الثورة التي أمسكت بزمام بلد إسلامي عظيم الأهمية ، له ماض عريق ومستقبل حافل بالإمكانات المشجعة .



ومع ذلك فإن مظاهر الإخفاق التي توالت على هذه الثورة الإسلامية عامة بعد عام ، لم يتردد صداها على الإطلاق لدى المنادين بالحكومة الإسلامية في بقية أقطار العالم العربي والإسلامي . فلم يتأثر هؤلاء بما انتهت إليه الثورة الإسلامية من إحكام قبضة رجال الدين على الدولة ، وإنما ظلوا يرددون زعمهم القائل إن الحكم الإسلامي لا يعني تسليم زمام الأمر لرجال الدين . ولم يد هؤلاء الدعاة أي استکار لقيام حكومة الملالي بتصفية أحزاب المعارضة واحدة بعد الآخر ، حتى لا بيقي في الساحة السياسية آخر الأمر غير رجال الدين ، أو لعلك المحاكمات الصورية المعجلة التي كان « خلخالی » يصدر فيها. أحكام الإعدام بنفس السرعة التي يقرأ بها مدرس الفصل نتيجة الامتحان على تلاميذه ، أو لفرض مناهج متزمتة على التعليم الجامعي والتعليم العام ، أو لروح الكآبة والعبوس التي سادت حياة الناس اليومية وارتسمت حتي على تعبيرات وجوههم .
ولم تمض إلا سنوات قلائل حتى طبقت تجربة أخرى ، في ظروف مختلفة كل الاختلاف ، على أقرب بلد عرف إلى مصر ، وهو السودان الشقيق ، وكان التطبيق هذه المرة بقرار من حاكم فرد ظل يقلب بين الأنظمة والاتجاهات المختلفة : إذ كان في بداية حكمه محسوبة على اليسار مسغطيبة للقوى التقدمية ، وأصبح في نهايته مستدأ إلى أحد القوى رجعية وجهالة ، وملل دعاة تطبيق الشريعة لتجربة الميرى ، على الرغم من مظاهر الظلم الصارخة التي ظهرت للعيان في كل تصرف من تصرفات هذا الطاغية ، وطالبوا معارضيهم بأن يمنحوا الرجل فرصة ، وتجاهلوا المجاعة وأحكام الإعدام والاستنزاف الداهم لفروة البلاد وسرقات الحكام المفضوحة الأموال شعب بأسره ، ووضعوا هذا كله في كلفة ، والتطبيق الشكلي لحدود السرقة والخمر والزنا في كفة أخرى ، فرجحت الكفة الثانية لدعم على المظالم الفادحة التي كانت تقل الكفة


بيانات الكتاب 


الأسم : الحقيقة والوهم فى الحركة الإسلامية المعاصرة
المؤلف :  فؤاد زكريا
عدد الصفحات : 185  صفحة
الحجم : 9 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *