Home Ads

الأخلاق السياسية فى عصر العولمة لــ أوتفريد هوفه




تتعقد خيوط كثير من متغيرات عالم اليوم، وما تتيحه من فرص، وما ينتج عنها من صعوبات، جملة واحدة تحت مسمى العولمة. إلا أن النظرة الواعية الخبيرة لا تقصركل هذه الأمور على أسواق الاقتصاد والمال،
بل تلاحظ أن رفى العولمة الثلاث من عمليات متصاعدة في نزع الحدود، وما يرتبط بها من استراتيجيات، وما يظقر عن كل ذلك من حالة غير طبيعية في العلاقات - عولية متنامية ، إنما تدور رحاها في أبعاد ثلاثة في مجتمع عنف معولم ، وفي مجتمع تعاون معولم ، وأخيرا في مجتمع معولم سمنه المخاطرة والأزمة والمعاناة. ذلك لأنه منذ فترة غير قصيرة تعصف الجريمة المنظمة ، كما ينسف الإرهاب بقيمة وجود حدود دولية، بل وقارية، فضلا عن تفاقم مشكلات البيئة والطقس وحركات اللجوء والنزوح
في كل هذه الأبعاد الثلاثة تكمن الحاجة إلى فعل عالمى ، تتطلب بدورها البحث عن فاعلين أكفاء على مستوى العالم، وقد سبق في الدراسة التي صدرناها بعنوان الديمقراطية في عصر العولمة (2002)، أن تناولنا بالبحث - بصفة خاصة - موضوع المؤسسات والتنظيمات المسئولة عن ذلك الأمر وأطرها التي تحكمها - نظام تشریعی عالمي، وأشرت فيها على نحو تقديرات أولية فقط إلى أنه في حالة نجاح التعايش الجماعي المثمر داخل الكيانات المجتمعية أولا ، ثم بين بعضها البعض، فإن الأمر رغم ذلك يحتاج إضافة لما سبق إلى فاعلين على مستوى المسئولية، وتحديدا إلى مواطنين وإلى المجتمع العام الذي يقوم فيه هؤلاء المواطنون أنفسهم بإدارة أركانه، أي إلى مجتمع المواطنة أو المجتمع المدني


فإن حدث أن أهملتا هؤلاء الفاعلين، فإن السياسة على الأخص تبدو وكنها صراع حول مصالح وسلطة، تدور حطيته داخل دساتير ومؤسسات دولة ونظم اجتماعية. بيد أنه تبين لنا من خلال المناظرات الكبرى بالسنوات الأخيرة، وتحديدا في تلك التي دارت حول حرب العراق، وقبل ذلك حول حرب كوسوفو ، وكما تبين – وإن كان باسلوب آخرفي النقاش الجدلي الخاص بأخلاقيات الطب - أن هناك أيضا أشخاصا يلعبون دورا كبيرا، ولكن في النظم الديمقراطية على وجه الخصوص نجد أن المواطنين - بغض النظر عن الساسة - هم الذين يعربون عن معارضانهم ، وهم الذين بدلون بأصواتهم نحو الموافقة والتأييد لأمر من الأمور، كما أن هناك أيضا طبقة المثقفين بما يحملونه على عاتقهم من التزام نحو التعبير بالكلمة
وحين لا توجد ديمقراطية بعد في بلد من البلدان ، فإنه لا يمكن أن يسطع نورها وتنهض قواعدها دون وجود استعداد مناسب لها لدى المواطنين: فإن بدأت عملية التحول إلى نظام ديمقراطي من القاعدة، كما حدث ذلك في حالة انهيار جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية)، فإنه يتحتم أمر تأمین مظلتها على وجه السرعة بتقديم العون للكثيرين، وإن لم يؤمن بها ويعمل على تحقيقها سوى نفر قليل من المواطنين، أما حينما يأتي تفعيل الديمقراطية من أعلى ، أو ربما تأتي الدعوة إليها من الخارج، كما في حالة أفغانستان أو في العراق، فإنها حينئذ تحتاج إلى استعداد مواز لها من جانب القاعدة الشعبية العريضة وفي كلتا الحالتين المشار إليهما لا يتحقق نجاح الأخذ بنظام ديمقراطي والتحول إليه، دون قيام مجتمع مواطنة متعدد الوجوه خارج نطاق مؤسسات الدولة . ويقا على ذلك فإن الأفكار التالي ذكرها لا تعني أنها تقع في منطقة تعارض بسيط يقصد به مواطنين عوضا عن مؤسسات ونظم ، بل إنها تلتمس استكمال النظرية، وفي الوقت نفسه تبحث عن وساطة عبر مفهوم مجتمع المواطنة . حيث إن مجتمع المواطنة يقيم قواعد مؤسسات خاصة به لا تدخل في موازنة الدولة .


بيانات الكتاب 


الأسم : الأخلاق السياسية فى عصر العولمة
المؤلف :  أوتفريد هوفه
المترجم : عبد الحميد مرزوق
عدد الصفحات :181  صفحة
الحجم : 5 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *