يعيش الإنسان وسط عالم الموجودات الفسيح، وحين بدأ ينظر إلى الأشياء ويتفهمها ابتغاء معرفة ماهيتها وأسرارها وقوانينها نشأت المعرفة ممزوجة بالعاطفة أحيانا، وبالخيال أحيانا أخرى، وبالمنفعة في كثير من الأحيان، وصولا إلى مرحلة معرفية نسقية منظمة
تخضع الأصول وقواعد وأهداف. يتناول هذا الكتاب فلسفة المعرفة، ويناقش قضايا من قبيل: التبرير، الصدق، فلسفة الصدق وعوالمه، قضایا برجماتية وثيقة، الفعل والالتزام، العاطفة والإدراك.
تعد الترجمة مقدمة ضرورية لنمو الفكر وتقدمه، باعتبارها وسيلة مهمة للحوار والتفاعل الخلاق بين الثقافات في المجالات كافة.
ومما لا شك فيه أن ترجمة النص الفلسفي لا يمكن أن تكون ترجمة حرفية الكلمات الكتاب، بل هي وعي كامل باهتمامات المؤلف، واتجاهه الفلسفي، ومنهجه الذي يسير عليه، واستيعاب المعانية الصريحة والضمنية، وذلك لأن الكتابة الفلسفية ما هي إلا "خبرة التجربة التي يعيشها الفيلسوف أو المفكر ممزوجة مع خبرات السابقين عليه والمعاصرين له من أهل التخصص، وكذلك خبرة معلميه وأساتذته الذين تعلم عليهم وأفاد منهم، كما أنها انعكاس لقضايا عصره، ومشكلاته التي تؤرق الفكر في ذلك العصر، فالفيلسوف ابن عصره وربيب زمانه
والفلسفة هي عصرها ملخصة في الفكر، على حد قول هيجل في تصديره الفلسفة الحق.
والكتاب الذي بين أيدينا موضوعه فلسفة المعرفة، فإذا نظرنا إلى المعرفة بوصفها واقعة طبيعية يسرى عليها ما يسرى على الكائن الطبيعي الحي من لحظة ميلاد ونشوء ونمو وتطور؛ سنجد أن المعرفة ارتبطت بوجود الإنسان كائنا من كان، حين وجد نفسه وجها لوجه كائنا متميزا يعيش وسط عالم الموجودات الفسيح، فبدأ محاولات التعرف على نفسه، والتعرف على موجودات العالم من حوله، فحدث نوع من الاتصال والتواصل بينه وبين الموجودات، ليتعرف على العالم المألوف، ويفهم الآخرين، وحين تجلت إرادته وإحساسه، وشعوره الفردي التحقيق ذاته، ومهام حياته، بدأ ينظر إلى الأشياء، ويتفهمها ابتغاء معرفة ماهيتها، أو أسرارها، أو قوانينها، فنشأت المعرفة من هذه المحاولات ممزوجة بالعاطفة أحيانا، وبالخيال أحيانا أخرى، وبالمنفعة في كثير من الأحيان، وصولا إلى مرحلة معرفية نسقية منظمة تخضع لأصول وقواعد وأهداف، مرحلة أصبحت فيها المعرفة أهم مباحث الفلسفة على الإطلاق، فالموضوع في ذاته قديم قدم الفلسفة نفسها؛ حيث يمثل مبحث المعرفة أهم مباحث الفكر الفلسفي، بل اهم مشكلة تناولتها الفلسفة منذ نشأتها، وتعددت فيها الآراء وتشعبت فيها المذاهب على مر تاريخ الفلسفة، وعلى الأخص في عصرها الحديث؛ حين بلغ الاهتمام الأكبر بالمعرفة في القرنين السابع عشر والثامن عشر عند الفلاسفة أمثال: هوبز ولوك وباركلي وهيوم ودیکارت وكانط، وقد أصبح البحث في نظرية المعرفة أو الإبستمولوجيا عند هؤلاء الفلاسفة مرادفا للفلسفة كلها، وأصبحت الميتافيزيقا مقصورة على مبحث واحد هو مبحث نظرية المعرفة.
بيانات الكتاب
الأسم : عوالم الصدق .. نحو فلسفة للمعرفة
المؤلف : إسرائيل شفلر
المترجم : فاطمة إسماعيل
عدد الصفحات : 300 صفحة
الحجم : 10 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق