Home Ads

معتزلة البصرة وبغداد لــ رشيد الخيون



من بين مخلفات التاريخ يبرز الاعتزال، بمقالات شيوخه، محفزا نشطة في استلهام دلالات العقل مقابل النقل، والتحرر من أسر رتابة النصوص، بسبب أن هذا الفكر يمتلك رؤية حيوية حول الوجود كطبيعة وإنسان، وعلاقتهما بالله. رؤية تمكن الإنسان، إلى حد ما، من حرية التصرف في شأنه الاجتماعي، ومن
التأثير الواعي على الطبيعة، وتوجيهها لمصلحته, حاول المعتزلة في مختلف مراحلهم الكلامية والفلسفية تأكيد مسؤولية الإنسان عن أفعاله، وبدون شك، يقود ذلك إلى تفعيل دور العقل في تنظيم الحياة الاجتماعية والاستفادة من الطبيعة بشكل خلاق، بعد فهم قوانينها، ويبرر أحد رموز الاعتزال المصريين القاضي عماد الدين عبد الجبار في "فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة" اعتبار العقل الأصل الأول في الإيمان والحياة حلى قبل القرآن الكريم والسنة التهوية بقوله : "لأن به ميز بين الحين والقبيح، ولأن به يعرف الكتاب حجة، وكذلك المسنة والإجماع، وربما تعجب من هذا الترتيب بعضهم، فيظن أن الأدلة في الكتاب والسنة والإجماع فقط، أو يظن أن العقل إذا كان يدل على أمور فهو مؤخر. وليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى لم يخاطب إلا أهل العقل، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، فهو الأصل في هذا الباب
وقد عبر شيوخ الاعتزال الآخرون عن هذا الأمر، وقبلهم المتكلمون، والريادة في ذلك الجهم بن صفوان، بمبدأ "الفكر قبل ورود السمع". والمقصود بورود السبع هو النص المنقول، خبرة، أو رواية ، أو وحيا. وفي هذا المجال طرح العتزلة أفكارة بالغة الأهمية تجلت في رؤيتهم الخاصة لمكانة العقل في تحديد العلاقة بين الله والإنسان، ورؤيتهم المتطورة تجاه طبائع الأشياء وخصوصيتها. ويفهم من هذه الأفكار أن المعتزلة مالوا إلى القول بعدم الدخل الله في الكون، بعد خلقه، إلا من خلال تلك الوسائط فالناس يحسون بعقولهم حياتهم الاجتماعية من نظام اجتماعي ومهاسي، وهذا يتطلب تحريرهم من سطوة القدر، وتتحدد الطبيعة، كوجود وعلاقات، من خلال ما ترك الله فيها من طبائع وقوانين


ورغم أن هذه الأفكار الكلامية والفلسفية المثيرة، عصر ذاك، ولعلها ما زالت مثيرة في الزمن الحالي أيضا، حاول مؤرخون عديدون أن يعطوا الاعتزال أبعادا سياسية بحتة، بدءا من ربط وجود الاعتزال كفکر وفلسفة بالذين اعتزلوا الخلافات في السلطة الإسلامية بين مركز الخلافة والمتمردين، سواء كان ذلك في معركة الجيل أو معركة صفين ، فتسمية معتزلة اشتقت من العزلة. وبالغ بعض المؤرخين أيضا في الدور العباسي الثوري اللمعتزلة في مواجهة السلطة الأموية ثم العباسية, كذلك بالغ مؤرخون محابون في اعتبار المعتزلة حماة الدين قد فرق إسلامية، وديانات وفلسفات منها المائوية ودهانات إيرانية وهندية ويونائية، انطلاقا من فلسفة التوحيد العتزاي الخاصة في تنزيه الذات الإلهية من الصفات، ومن إثقالهم لوقع فكري كادت تلك الديانات والفلسفات أن تحتله، وفي هذه المهمة عتوا مجددين للدين الإسلامي وتخليصه من غلاة ومشرکین
والظاهر أن هذه الآراء وغيرها التي شنها المؤرخون والباحثون، في شأن المعتزلة ، أتت كمحاولات في الدفاع ملهم قد ما نسب لهم في النارية اللي والنعلی من مثالب وكفريات، يوم شعيت افكارهم بالفضائح والشنائع والأكانیب. لكن تلك الآراء السليمة النية غطت على الجوهر الفلسفي للاعتزال في النظر للإنسان كائنا حرا مسئولا عن أفعاله ، والنظر إلى ظواهر الكون وهي متناسقة في علاقات وقوانين
أما مؤرخو الملل والنحل من المعتزلة فقد تبنوا الدفاع عن جماعتهم بطريقة لا تعقل عندما تسموا إلى طبقات الاعتزال، طبقة مقدسية، الخلفاء الراشدين الأربعة، وعمر بن عبد العزيز، وابناء وأحفاد علي بن أبي طالب، وصلحاء الصحابة والتابعين، ومحاولة


بيانات الكتاب 


الأسم : معتزلة البصرة وبغداد
المؤلف : رشيد الخيون
عدد الصفحات :346  صفحة
الحجم : 20 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *