Home Ads

من أيام العمر الماضي لــ عبدالله النفيسي



في هذه الساعة من النهار يضج فناء المدرسة بحركة التلاميذ: العاشرة والنصف أول فرصة للاستراحة - أو كما يسمونها في كلية فيكتوريا ال First break - يتجمهر الطلبة عند المقصف cuck Shop الذي يديره مايك جابری لیدس Mike القبرصي اليوناني البدين الودود وزوجته الضئيلة التي تشكو دائما من البرد
والزكام.
الخيارات في المقصف محدودة: سندوتش جبنة رومي، لوح شيكولاتة کورونا، أو «دونته بمربى الفراولة أو قنينة سيترو Citro وفي مناسبات نادرة آیس کریم. وقتها كنا أطفالا لم نتجاوز الثامنة يملؤنا الفرح والأمل والبراءة، كانت كلية فيكتوريا Victoria College بالنسبة لطلبتها والقابعة في طرف حي المعادي (جنوب القاهرة) أهم مؤسسة في حياتهم خصوصا الطلبة الداخلية boarding الذين يسكنون في عنابر الكلية أي في الdormitories، ويستشعرون رسوخ معيتهم الجمعية togetherness في الكلية (المدرسة) عنابر السكن وقاعة الطعام الفسيحة وحوض السباحة وقاعة السينما حيث نشاهد كل يوم أحد فيلما (طبعا أسود وأبيض) وفي الأغلب كوميديا: Laurel Hardy Charles Chaplin
تشارلز تشارلن أو لوريل وهاردي. المدرسة تتبع النظام الإنجليزي في كل شيء: زي موحد بين الطلبة uniform (رمادي وأزرق) الاستيقاظ السادسة صباحا؛ دوش سریع؛ تلميع الأحذية؛ ارتداء اليونيفورم والوقوف في طابور التفتيش استعدادا للذهاب إلى قاعة الطعام التناول وجبة الإفطار الصباحي. ولأننا ننام مبكرا ( الثامنة مساء) حين تطفأ الأنوار في كل العنابر blackout لذلك لا يحين موعد الاستيقاظ (السادسة صباحا) إلا وقد شبعنا نوما وتضورنا جوعا لذلك فإن وجبة الإفطار الصباحي كانت تحتل في يومنا المدرسي أهمية كبيرة في العادة يتكون الإفطار الصباحي من: قطعة زبدة مع مربى التين وجبنة بيضاء بلدي وكثير من الخبز وشاي مع الحليب الساخن وفي بعض الأحيان بيض مقلي أو مسلوق يقدم مع الفول وذلك يوم الأحد


العطلة الأسبوعية). أما يوم الأربعاء فقد كان يوما من أيام العروبة إذ يقدم لنا الدجاج في العشاء (السادسة والنصف مساء) وكان علينا أن نختار بين القطع: إما قطعة من الصدر أو فخا وكانت تتم مقايضات بيننا وتنازلات ومبادرات حسبما تمليه (الحالة الرفاقية بين الجالسين على المائدة. يرأس المائدة أحد الطلبة الكبار ويشمي الكابتن Captain الذي يوزع أنصبة الطعام على الطلبة السنة الجالسين حول المائدة المستطيلة. ومن الملاحظات التي لا تغيب عن ذاكرتي أن الكابتن الذي يرأس مائدتنا (كان يضرب في الطعام كما يضرب ولي التوء في مال اليتيم) وكان يظفر بما يشتهي ويستحوذ على نصيب وافر من الفاصوليا الخضراء والبطاطس المقلية الروست بیف
عيني عينك) والمشكلة أنه لم تكن هناك (مؤسسات عدلية) للشكوى ورفع المظالم إليها والوقت ضيق ولم يكن أمامنا إلا القبول بالوضع الراهن) واكتشفت فيما بعد أن القبول بالوضع الراهن ممكن أن يستمر معك طوال حياتك إلى أن سجي في قبرك كل شيء في فيكتوريا كان منظما وجيدا إلا الطعام بما لأن ذوق الإنجليز في الطعام -خصوصا في الخمسينيات- كان ذوقا رديئا للغاية، ويبدو أن هذا الأمر قد أجمع عليه الطلبة وكان لابد من انتفاضة أو حركة تصحيحية) لتصحيح الوضع لذلك كنا نتحين الفرصة عندما وصلنا للمرحلة الثانوية التنظيم حركة احتجاج صاخبة وجاءت المناسبة: أحد الطلبة وخلال وجبة الغداء عثر على بابة في ثنايا المكرونة المسلوقة فاهتبلناها فرصة لفتح ملف الطعام في المدرسة فوضعنا الأمر أمام الطلبة الغافلين وطلبنا منهم الامتناع عن الأكل والاصطفاف والخروج من قاعة الطعام وحملنا الطبق الذي فيه المكرونة والأبابة متجهين إلى مكتب الناظر Headmaster نصيح هاتفين: (كلية أونطة عايزين فلوسنا).



بيانات الكتاب 


الأسم : من أيام العمر الماضي
المؤلف :  عبدالله النفيسي
عدد الصفحات :181  صفحة
الحجم : 5 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *