يطرح هذا الكتاب تساؤلا مهما ربما تتيح الإجابة عنه إزالة الغموض الذي يحيط بدور علم النفس، وما يمكن أن يقدمه للمجتمع من
خدمات جليلة تسهم في رفاهية أبنائه وسعادتهم، وهو: هل المسؤولية تقع على عاتق مؤسسات المجتمع في تهميش دور علم النفس في المجتمع، وعدم إتاحة الفرصة لباحثيه وعلمائه في القيام بدورهم المأمول، أم أن علماء النفس يشتركون في تلك المسؤولية، وذلك بالشكل الذي يظهر في عدم قدرتهم على تسويق علمهم وإبراز أهميته ، وبيان دوره؟ الإجابة لها شقان، فبالإضافة إلى اتجاهات المجتمع السلبية نحو علم النفس ، وعدم قناعته بالدور الذي يمكن أن يضطلع به، نجد أن دور علماء النفس وباحثيه لا يقل سلبية عن دور المجتمع.
كان علم النفس، وسيظل، أحد أهم العلوم الاجتماعية والإنسانية التي ينتظر منها الكثير، فيما يتعلق بحياة الإنسان في حاضره ومستقبله. فقد وصل التقدم العلمي في مختلف فروع علم النفس النظرية والتطبيقية إلى مستوى مبشر، يمكن أن يلبي الطموحات ويحقق الآمال، حيث تجاوز عدد فروع علم النفس، طبقا الجمعية علم النفس الأمريكية الستين فرعا الآن، وحدث تطور هائل في مناهج البحث وأساليبه وموضوعاته، وهو ما يدل على أن علم النفس يرجي منه الكثير في مختلف النواحي التطبيقية، والتي يمكن أن يستفيد منها أكبر عدد من الجمهور العام في المجتمع.
وعلى الرغم من أهمية العلوم الاجتماعية والنفسية عامة، و علم النفس على وجه الخصوص، فيما يمكن أن تساهم به في إيجاد حلول علمية بناءة ومثمرة المشكلات المجتمع النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية و غيرها، فإن دورها ما زال محدودا وهامشيا في المجتمع، ولا تلقي العناية الكافية والدعم المطلوب من المسئولين على الأصعدة كافة، وما زالت الاتجاهات نحوها سلبية، بل ويسود الاعتقاد بعدم جدواها او قيمتها فيما يمكن أن تقدمه من خدمات للمجتمع في مختلف المجالات، هذا في الوقت الذي تلقى فيه تخصصات العلوم الاجتماعية في البلاد المتقدمة كافة أنواع المعونات المادية والتأييد الاجتماعي بالشكل الذي ييسر لباحثيها مناخ العمل الجاد ويهيئ الظروف الداعمة لإبداع هؤلاء الباحثين، وهو ما أدى إلى تزايد عدد الأفراد والجهات التي تسعى إلى طلب العون من العلوم الاجتماعية
وهنا يثار تساؤل مهم ربما تتيح الإجابة عنه إزالة الغموض الذي يحيط بدور علم النفس، وما يمكن أن يقدمه للمجتمع من خدمات جليلة تسهم في رفاهية أبنائه وسعادتهم، وهو: هل المسئولية تقع على عاتق مؤسسات المجتمع في تهميش دور علم النفس في المجتمع، وعدم إتاحة الفرصة لباحثية وعلمائه في القيام بدورهم المأمول؟ ام ان علماء النفس يشتركون في تلك المسئولية، وذلك بالشكل الذي يظهر في عدم قدرتهم على تسويق علمهم وإبراز أهميته، وبيان دوره؟ الإجابة لها شقان، فبالإضافة إلى اتجاهات المجتمع السلبية نحو علم النفس، وعدم قناعته بالدور الذي يمكن أن يضطلع به، نجد أن دور علماء النفس وباحثيه لا يقل سلبية عن دور المجتمع، وذلك لأنهم لا يقدمون علمهم للمجتمع بالصورة التي تمكن أبناءه من الوعي بأهمية علم النفس، وما يمكن أن يسهم به في رفاهية أبناء المجتمع وسعادته. وهو ما يأخذ عدة مظاهر: فكثير من علماء علم النفس وباحثيه يهتمون بالبحوث النظرية على حساب مثيلتها التطبيقية، بحيث يدرسون موضوعات ربما تكون بعيدة كل البعد عن إمكان الاستفادة منها، وتوظيف نتائجها في الحياة العملية. وإذا تم الاهتمام بالجوانب التطبيقية، فنجد أنها تكون بعيدة عن واقع المجتمع الفعلي، وما يعانيه من مشكلات عويصة هي الجديرة بالدراسة الطبية النفسية الجادة، فلا يمكنهم تحديد أولويات تلك المشكلات. وربما يكون الأهم من ذلك هو علم قدرتهم على تسويق منتجاتهم العلمية، بحيث لا يعي المجتمع مدى الفائدة التي يمكن أن يجنيها من نتائج الدراسات العلمية النفسية. فما السبب إذن في هذه الحالة؟ الإجابة هي سوء التواصل بين المجتمع ومؤسساته من ناحية والعلماء والباحثين من ناحية أخرى، فلا يقدم العلماء نتائج بحوثهم بصورة بسيطة وسهل فهمها من قبل من بيدهم مقاليد الأمور في مؤسسات المجتمع.
بيانات الكتاب
الأسم :علم النفس فى حياتنا اليومية
المؤلف : كينيث سترونجمان
المترجم : معتز سيد عبدالله
عدد الصفحات : 580 صفحة
الحجم : 17 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق