Home Ads

على مقهى فى الشارع السياسى لــ إحسان عبد القدوس



جلس الشاب ووجه ينضح بالبشر وقال من خلال ابتسامته :
- انا متفائل !
وأجاب العجوز فورا بعد أن رفع شفتيه عن مقبض L| الشيشة. - وانا متشائم ! وقال الشاب في دهشة : - عجيبة .. متشائم لماذا ؟ وقال العجوز وعلى شفتيه ابتسامة ساخرة : - لأنك متفائل . وقال الشاب وهو أشد دهشة : - لا افهمك ! وقال العجوز:
- لكي تفهمني يجب أن تعرف أني أومن بالتوازن .. وفي كل تصرفاتی وآرائی أحاول أن أحقق التوازن .. فإذا قامت موجة من التفاؤل حاولت أن أواجهها بموجة من التشاؤم، وبالعكس : لو أنك قلت الي - إنك متشائم - لقلت لك : إني متفائل ..
وقال الشاب ساخرا: - هذا منبر جديد نسميه منبر التوازن ؟ وقال العجوز في هدوء :
لا . ليس منبرا جديدا . إنه نفسن منبر الوسط .. ما هو الوسط ؟، إنه الوسط بين كل شيء وضده .. الوسط بين الرجعية والتقدمية ..
والوسط بين الاشتراكية والرأسمالية ، والوسط بين الديموقراطية | والديكتاتورية .. والوسط بين العباءة والمايوه , والوسط بين إباحة الخمر وتحريم الخمر ، والوسط بين إباحة الزواج من أربع وقصر الزواج على واحدة .. و .. و .. إن الوسط ليس عقيدة ولا مذهبا ولا مبدأ . ولكنه موقف تنفيذي لتحقيق التوازن .. والوسط ليس دائما هو أن تمسك العصا من وسطها كما يقولون .. فقد يضطر الوسط لتحقيق التوازن أن ينضم لأحد أطراف العصا .. فإذا طفي اليمين وتجبر انضم الوسط إلى اليسار في معركة مع اليمين . وإذا طغى اليسار وتجبر انضم الوسط إلى اليمين في معركة مع اليسار .. وباختصار : الوسط هو تحقيق التوازن |


وقال الشاب : - إنك تنكر على الوسط كل قوته كأنه مجرد أداة تنفيذية .. وقال العجوز في تاکيد : . .
- بالعكس .. الوسط دائما وفي كل بلاد العالم هو أقوى التنظيمات وأقربها إلى الحكم ، فإن الحكم القوي في بلد حر هو الحكم الذي يستطيع تحقيق التوازن بين كل المذاهب والطبقات ..
وقال الشاب :
- على كل حال لقد خرجنا من الموضوع .. قلت لك : إني متفائل ، وقلت لي : إنك متشائم ،،
وقال العجوز: "
- إني لا أومن لا بالتفاؤل ولا بالتشاؤم .. إنه نوع من الهرب إلى الغيبيات .. والعالم العربي كله ضاع بسبب تعلقه بالغيبيات !. إنه يكتفي بالتوكل على الله هربا من المعاناة ومن التاخر الحضاري . ويكتفي بالطمع في الجنة هربا من الطموح الدنيوي ا. إنه يتعلق بالغيبيات هربا من تحمل مسئولية الواقع !.
وقال الشاب غاضبان - ولكن تفاؤلي ليس نتيجة أوهام ولا غيبيات إنه نتيجة أحداث .. وقال العجوز ساخرا: - أي أحداث ؟ وقال الشاب في حدة :




بيانات الكتاب 


الأسم :  على مقهى فى الشارع السياسى
المؤلف : إحسان عبد القدوس
عدد الصفحات : 321 صفحة
الحجم : 11 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *