Home Ads

قواعد الفن لــ بيير بورديو



يرفض كثير من الأدباء علم الاجتماع الأدبي جملة وتفصيلا، فالأعمال الأدبية عندهم نتاج لذات مبدعة أبدعت نفسها بنفسها في فراغ معقم، والأعمال توجد بلا غاية كأنها شهب متألقة تقذفها السماء. ويبدو إقحام علم الاجتماع بأدوات تحليله الأرضية الاجتماعية تدنيسا للمقدسات ينزع السحر عن هذه الأعمال الأدبية
ويرتضي هؤلاء الأدباء «قراعة إبداعية» لنصوصهم، أو قراءات إبداعية متعددة بلا ضابط أو وجهة نظر ممتازة بين وجهات النظر المختلفة. ويظل العمل الفني بذلك غارقا في غموض صوفي يشبه الذي يحيط بالموهبة العبقرية التلقائية الجاهزة للمبدع، ولكن تلك القمم الضبابية للابداع لن تسلم في حقيقة الأمر من سيطرة تحيزات سائدة في التلقي والتقييم ومن الخضوع لمعايير جاهزة لم يناقش أحد من أين جاءت ولا جدارتها بالقبول.
ويظل كل شيء متعلق بالإنتاج الأدبي بعيدا عن الفهم والتفسير، وقد تكون لتلك الحمى الجمالية الغامضة التي يلقى فيها بالأعمال الأدبية وظيفة بعيدة عن الجمال في تثبيت السلطات القائمة المهيمنة في نطاق الاستمرار الفكري والوجداني ورفض طرحها للتساؤل أو المطالبة بتغييرها.
وعلى الجانب الآخر شابت علم الاجتماع جوانب قصور خطيرة كانت سندا لآراء الإبداع الملهم الذاتية، ومن المعروف أنه لا يوجد نموذج سائد في علم الاجتماع اليوم وأنه مايزال في مرحلة تعدد النماذج وصراع المدارس والاتجاهات. ولكن هناك أصواتا عالية في علم الاجتماع الثقافي عموما وعلم الاجتماع الأدبي على وجه الخصوص هي بمثابة اللطمة على الخد الآخر بالنسبة لأفكار الفرد المبدع في برجه العاجی


ففي علم الاجتماع ذي النزعة التجريبية هناك قطيعة حادة بين البحث الاجتماعي والنوعية الجمالية، حيث تقتصر الدراسة على تحليل المضمون وتتحول النصوص الأدبية إلى وثائق اجتماعية، وتعلن تلك النزعة أنها لا تدرس الأعمال الأدبية باعتبارها ظوا نر جمالية بل باعتبارها ظواهر اجتماعية، فهناك سور مبنی بین حكم الواقعة وحكم القيمة. ولقد واصلت النزعة التجريبية لذلك دراسة السوق الأدبية وتركت بنيه الأعمال الأدبية دون مساس، وأدی ذلك الإغفال إلى تدعيم القول بأسرار الخلق والإلهام غير القابلة للفهم من حيث النشوء والمصير، وبالمواهب الاستثنائية والعقول الجبارة التي تفسر نفسها بنفسها، وأصبح الواقع الأدبي والتاريخ الأدبي لا علاقة لهما بالمؤثرات الاجتماعية التاريخية.
ولكن ما أكثر المحاولات السوسيولوجية الفجة التي حاولت إحداث ثغرات في السور الصيني بين الأعمال الأدبية والعالم الاجتماعي
ويرصد الدارسون تلك المحاولات ابتداء من محاولة هيبوليت تين التي فسرت النص الأدبي على أساس من ظاهرة اجتماعية مباشرة دون وسائط. وواصلت تلك المنهجية الاختزالية تأثيرها عند كثيرين، ومع إغفال نوعية الفعل الأدبي تركز الاهتمام في عناصر من قبيل الوضع الاقتصادي والمهني للمؤلفين، ومشكلة الأجيال الأدبية وتجاره الكتاب وأنواع الجمهور، وهناك بين علماء الاجتماع (أمثال ر، إسكاربی R
. Escarpit) نجد الذين وجهوا اهتمامهم إلى الاستهلاك الأدبي تاركين الانتاج الأدبي جانبا، فدرسوا أنواع الجمهور وفئاته المختلفة وأساليب حياتها؛ فهناك الجمهور بوصفة سندا وبوصفه محاورا وذلك الذي يضعه المؤلف في ذهنه عند الكتابة والجمهور المفترض عند الناشر والجمهور الواقعي، وقد بحث بعض الدارسين عن انغراس هذه الأشياء الخارجية داخل النصوص بطريقة مختزلة ومباشرة، وفي مصر والعالم العربي صدرت دراسات تبحث في انعكاس القيم (العيب والحرام والتسلق) داخل القصص والروايات. وكثرت العناوين من أمثال صورة المرأة في أعمال بعض الكتاب، وصورة المثقف السياسي واختلال نسق القيم مع تغير العلاقات الاجتماعية في القص.



بيانات الكتاب 


الأسم : قواعد الفن
المؤلف :  بيير بورديو
المترجم : إبراهيم فتحى
عدد الصفحات : 451 صفحة
الحجم : 18 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *