Home Ads

حكمة العائلة المجنونة لــ فؤاد قنديل



الحجرة الرمادية بشعلها سکون غامض .. تجدف في بحارها رائحة انتظار مشوب بالقلق ،، ما الذي يمكن أن تقوله المرأة لوجهها المصلوب أمامها .. يقترب ويبتعد .. داخلها بتقافز سؤال له شفرة حادة .. هل يا ترى وضعت أقدامي على أول طريق الشيخوخة ؟
طلعت على هذا الوجه شموس كثيرة . تمسحت به آلاف الصباحات والمسامات تجاوزت السابعة والثلاثين .
- لا أحد يطرق الباب . أختي راوية تزوجت وهي في أولى ثانوي .. بنات کثیرات تزوجن في الثامنة عشرة ويحملن أطفالا وهن بين النساء ربات بيوت .. الهن كلمة لا ترد .. أنا أجمل منهن ،، فما بال الرجال عميت عني عيونهم
قالوا لها : أخرجي .. فخرجت سارت في الشوارع ولبست الكعب العالي الذي يحيل المشية إلى نغم جذاب ومثير ،ويهدهد البدن الطري ويؤرجحه لكن الرجال كانوا يمضون في طريقهم دون مبالاة ، كأنها كائن غير منظور ،، صبت العطور العالية ، لكن أحدا لم يشم ۱۰ مرات قليلة عاكسها بعض الشباب ، لكنهم كانوا عاطلين ، يتلطعون على النواصی ، ولا تبدو معاكساتهم ذات طعم ، أي تدل على جدية في التقدير أو في العرض :.
فوق السرير . جنب الجدار الجوانی كانت هناك أكوام كبيرة من الأحلام . مركونة كما الهدوم ، مطبقة ومكوية ، اكن ألوانها حالت ، ومن يقترب منها يشم رائحة عطنة


في المرأة عادت تطل .. تشد لحم الہ دین وتحدق بقوة ، لعلها تعثر على شيء يمكن اعتباره هو المسئول عن تأخر نه يبها ، لازالت تقبع داخل هذه الجدران التي لم تشهد في حياتها غيرها ، ولعله وجا ت مع بدء الحياة على كوكب الأرض ، بيت قديم ، جدرانه مرتفعة ومتهرئة وشبه مقوسة في حارة «شق التعبانه . حارة سد ومظلمة تبدو كانها قاع العالم .. لا يؤنس وحشتها على الدوام إلا رائحة الخبز الساخن تسطع بقوة من فرن نصحي عبد النور ، وتطلق سحرها الهمجي اللذيذ في أجواء الحارة ، لتجعل منها بقرة للحياة المغمورة في سنواتها الأولى ، أما في المساء فمقص سيد الحلاق خاصة عندما يأكل الهواء وأنوار محله مع ثرثرته هي النبض الباقي بعد أن تهمد في غرفتها كل الأصوات .
بعد الدراسة الإعدادية ، قالوا لها :
- بكفيك ما حصلت عليه من التعليم .. مستقبلك في البيت ، فانتظری عدلك . ومازالت تنتظر ،، وتمنت أن تعرف أين يقيم هذا العدل .
إلى المرأة يتسلل وجه ينشق عنه الضباب . تبدو ملامحه غائمة لكنه يواصل البزوغ ،، تتضع قسمات وجهه تدريجيا .. تعرفت عليه وكانت قد نسيته , منذ مدة لم تره ،، تقدم لخطبتها , أخوها نبيل رفض ، وهي لم تر العيب في شكله ، لكن في عمله ، سائق ، ساطت نفسها عدة مرات : ماذا يكسب وما هو مستقبله ؟
، لن يكون يوما رئيس مصلحة أو وزیر مواصلات ، أو رجل أعمال ، سيظل سائقا لأتوبيس الأولاد وينقلهم إلى مدارسهم في الصباح ويعيدهم إلى بيوتهم بعد الظهر .
لا تدري لماذا اختفى وأين راح ، بعد أن كان يحوم حولها ويحضر كثيرة اليراها متعللا بالسؤال عن أخيها جمعة ، وهو يعلم أنه في الورشة ، كان يقف قبل الغروب على ناصية الحارة بجوار مذنبة ملاك .. يفتعل حديثا بينما تكون في موعد جلوسها ، أو يجلس مع يونس اللبان أو سيد الحلاق ..
ها هي بسعته تطل في المرأة , - إفرض إني قلت لا .. على طول تجري - أخوکی . - أنا من سأتزوجك يا خيبة . - رفضت - وكرامتك نقحته عليك ؟ و فعلا


بيانات الكتاب 


الأسم : حكمة العائلة المجنونة
المؤلف :  فؤاد قنديل
الطبعة : الأولي
سنة الطبع : 2006
عدد الصفحات :241 صفحة
الحجم : 6 ميجابايت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

FlatBook

Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi ermentum.Vestibulum rhoncus vehicula tortor, vel cursus elit. Donec nec nisl felis. Pellentesque ultrices sem sit amet eros interdum, id elementum nisi fermentum.




Comments

Contact Us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *