العلاقة بين الإدراك الحسي و الكلمة علاقة فعالة في الأدب، ولعل الشاعر الفرنسي موريس سيف M . Sceve الذي عاش في القرن السابع عشر هو أول من أوحی بتلك العلاقة عندما أشار إلى لغة العيون في قصيدة طويلة كتبها لحبيبته دیلی Délie. أما في عصرنا
الحديث فقد قال الشاعر بول كلوديل: إن
العين تسمع"، ومن الجدير بالذكر أن الشعر الحديث يحاور الفن التشكيلي باستمرار. يتجلى ذلك من خلال عناوین کبری لابداعات شعرية نشرت بين عامي 1960-1970 في مطابع غاليمار نذكر منها، على سبيل المثال، "الكوة Lernbrasure ل جاك دوبان J
.
Dupin، و تصاوير" Figurations لى ميشيل دوغي M
. Degy ، ومناظر مع صورة غائبة Paysages avec figures absentes ل "فيليب جاكوتيه ,Ph Jacottet، و حدود النظر Limites du regard ل "جان تورتيل"
J. Tortel
وقد ركز الخطاب النقدي المعاصر على العلاقة بين الرؤية و الكلام، فمثلا كتب "هنري مالدينيه"
H . Maldiney عام 1975 كتابا بعنوان "النظر و الكلام و الفضاء، كما كتب "بول ريكور" P
. Ricoeur كتابا بعنوان "الصورة الحية عرف فيه الصورة الحية بانها طريقة في الإبصار لا في القول فحسب. أما جان بيير ريشار
J . P . Richard الذي دافع عن الشكلانية في كتاباته الأولى فقد أكد عام 1984 في كتابه "صفحات ومشاهد
Pages ,
paysages أن "كل صفحة تفتتح مشهدا".
ثمة أعمال منبثقة من آفاق نظرية مختلفة، دعمت هذه المحاولات التي كانت تبدو معزولة في السبعينيات. فعلم وصف الظواهر Phénoménologie - الذي استعاد مكانته التي فقدها في فرنسا داخل النقاش الفلسفي - عاد ليلهم من جديد النقد والنظرية الأدبية، وظهرت في مجال الألسنية مفاهيم كانت تستبعدها البنيوية فائصب الاهتمام على نظريات اندرسون Anderson ولاينس Lyons المساحية و على فرضيات فيلمور Fillmore الأخيرة التي تؤكد أن معنى الجملة يتعلق بمشهد انطلاقا من وجهة نظر"، كما ازداد تساؤل اللسانيين عن العلاقة التي تربط بين البني اللغوية والبنى التمثيلية.
وها هي السيمياء تشير إلى أثر النشاط الحسي و الإدراكي المعرفي في تشكيل المعنى. ففي عام 1974 اقترح "بوتييه Pottier مفهوم "المرأی visée و الرؤية" vision وأكدت أعمال جينيناسكا Geninasca حول
لكن خطر "السيمة semiotisation المفرطة للمرئي يكمن في جعلنا نعتقد أنه يتكون من منظومة من العلاقات وأن العالم المرئي هو عالم مقروء يمكننا فك رموزه. لكن لو كان الأمر كذلك لاستطعنا قراءة العالم بسهولة وأصبح الشعر، مثلا، محاكاة للواقع، بيد أن الشعر لا يتكون من علاقات جاهزة مسبقا، بل هو نداء للمعني.
من هنا تأتي أهمية الكتاب الذي بين أيدينا و الذي يبين كاتبه - عبر دراسة ممتعة للضوء - أن النظرية المسيميائية لا يمكن أن تتطور إلا إذا أكدت علی استقلالية موضوعها إزاء الرؤية و إزاء العالم الطبيعي". فالكاتب يؤكد أن الشكل السيميائي للضوء لا يتولد عما نراه بشكل فعلي، ولا من خصائص العالم الطبيعي، لأن الضوء بالنسبة له يتحلى بدلالة تختلف عن المضامين والدلالات السردية التقليدية للنص.
بيانات الكتاب
الأسم : سيمياء المرئي
المؤلف : جاك فونتاني
المترجم : على أسعد
عدد الصفحات :243 صفحة
الحجم : 8 ميجابايت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق